الأحد، 1 مايو 2011

النجمة و الفنانة


النجمة و الفنانة









الفنانة الملتزمة "عبير الشرقاوي":
الحجاب والالتزام.. راحة وطمأنينة ورسالة
القاهرة: محمود خليل – المجتمع – حماسنا
----------
 
الفنانة المعتزلة عبير الشرقاوي، هي ابنة المخرج جلال الشرقاوي، من مواليد عام 1968م، تخرجت في الجامعة الأمريكية قسم المسرح، وعملت في التمثيل أثناء دراستها.. وأسندت إليها بطولة مسرحية "عطية الإرهابية" عقب اعتزال وحجاب الفنانة سهير البابلي، ثم عملت في العديد من المسلسلات مثل "عمر بن عبدالعزيز"، و"الأمير المجهول"، إلى أن التزمت بالحجاب، ومن ثم تغيرت نظرتها للفن، ولرسالتها في الحياة، بناء على فهم ورؤية وثقافة رفيعة.. تتجلى في هذا الحوار.

بداية.. أنت.. فنانة موهوبة وخريجة الجامعة الأمريكية وابنة الفنان جلال الشرقاوي خريج فرنسا... والأستاذ الذي تخرجت على يديه أجيال من مشاهير الفنانين.. فما الذي يدفعك إلى الحجاب والالتزام؟
أنا إنسانة بسيطة.. وصادقة مع نفسي إلى أبعد حد.. ورغم أنني دخلت الفن وأنا نجمة من أول يوم.. حيث أسندت إليَّ بطولة مسرحية "عطية الإرهابية" عقب اعتزال الفنانة القديرة "سهير البابلي"، ونجاح المسرحية نجاحاً كبيراً، ورغم أن البعض كان يعتقد أن النجومية قد أتتني على طبق من ذهب.. إلا أنني رغم التألق الظاهر لم أكن سعيدة من داخلي، وكنت أشعر أن الله غير راضٍ عني، وكنت أشعر بتقصيري في أمور ديني، وكان هناك إحساس قوي جداً يتملكني من داخلي أنني يجب أن أصطلح مع الله.. وبدأت أشعر أن المال والأضواء والنجومية والشهرة والبريق والتألق.. لا تساوي شيئاً في ظل التقصير في حق الله عز وجل.. فقررت من داخلي.. وبيقين راسخ أن ألتزم بتعاليم الإسلام، وأن أرتدي الحجاب، وأن أفهم الرسالة الحقيقية للإنسان في الأرض.. وأن أحاول تطبيق ما أفهمه جيداً.

وفهمت الإسلام

يحاول دائماً المتتبعون لأخبار الفنانات الملتزمات، أن يعزون التزامهن إلى حوادث، أو أمراض، أو كوارث غيَّرت مجرى حياتهن، أو على أحسن افتراض.. إلى رؤى ومنامات وأحلام.. وهناك من يرجعه إلى إغراءات ورشاوى وماديات.. أين أنت من هذا كله؟
الحمد لله تعالى.. لم يكن لي نصيب في هذه كله، وكان قرار الحجاب والالتزام يملؤني ويسيطر عليَّ تماماً.. ولكنني ظللت فترة أقول لنفسي: بعد هذا العمل!! بعد هذا المشروع.. وهكذا.. وكنت أعرف جيداً أن هذا تسويف لا مبرر له، ولا معنى له.. إلى أن جاء رمضان عام 2000م، وقبل انتهاء هذا الشهر الفضيل بثلاثة أيام.. وجدت والدي يقرأ القرآن الكريم بصوت جميل وصحيح ومسموع.. إلى أن قرأ آيات الحجاب من سورة النور.. وشعرت ساعتها أنها رسالة من الله عز وجل لي شخصياً.. وكانت الرسالة الإلهية واضحة وصريحة ومباشرة.. وفي الليلة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل.. وفي فجر هذه الليلة المباركة.. وبعد ليلة من التلاوة والذكر والعبادة.. آمنت أنني لا يمكن أن أخرج من بيتي بعد الآن إلا بالحجاب.. وأعدت النظر في العمل بالفن.. فتوقفت تماماً في البداية.. إلى أن أقنعني والدي بالعودة إلى العمل مرة أخرى.. لكن بشروط.

بين العمل والتوقف

فيم كان التوقف عن العمل بالفن في بداية الالتزام.. وفيم كانت العودة الآن؟
في البداية كنت مقتنعة تماماً أنني لا يمكن أن أرضي الله عز وجل، وأن ألتزم بتعاليم الإسلام، وأن أكون عند حدود الطاعة.. مع العمل بالفن.. ولكن والدي أقنعني.. واستشرت علماء دين على فهم عال وفقه واسع وسليم.. فقالوا: إن المهم هو ميزان النفع والضرر.. وأن الفيصل بين الصالح والطالح هو غلبة الخير على الشر، وأن النجاة يوم القيامة لن تكون للعبد، إلاَّ بغلبة الخير على الشر، والحسنات على السيئات... هذا من جانب..
ومن جانب آخر.. فإنني لا يمكن أن أقبل العمل في ظل أي مخالفة للإسلام بحيث يكون العمل الفني ككل خادماً للقيم والمبادئ والمثل، ويكرس الفضيلة ويحقق النفع. حتى لو كان به بعض الأدوار التي يراها البعض سلبية. فلابد أن تكون إيجابية في رسالتها ومحصلتها النهائية.. فلو كان هناك نصاب.. فلابد أن ينال جزاءه مثلاً.. كذلك لابد أن يخلو العمل ككل من العري والرقص والمشاهد الساخنة.. وهكذا..
وأيضاً لابد أن يكون العمل خالياً من أي فكرة تعارض الإسلام، أو تغري بسلوك خاطئ... وأنا لست متكالبة على أي عمل... إلا إذا كان يؤدي رسالة في ظل ما سبق.. ومشاركتي الأخيرة بدور "نوارة" في مسلسل "طيبون وأشرار" ينطبق عليه كل ما سبق.

وماذا عن شعورك كفنانة ملتزمة.. تعمل تحت ظل الحجاب؟
يجب أن يعلم الناس أن الدنيا تغيَّرت.. وأن الوسط الفني بصفة عامة، لم يعد ذلك الماخور الكبير.. فكثير جداً من الأعمال الفنية والاستديوهات.. بل معظمها الآن يوقف التصوير، ويذهب الجميع للصلاة.. والحس الديني الآن أصبح عالياً جداً.. وأنا الآن أعمل في ظل الحجاب.. وكلِّي شعور بالهدوء والطمأنينة وهذا لم يكن متوافراً لديَّ من قبل إطلاقاًً.. فقد كان يسيطر عليَّ القلق والتوتر.. والمنافسة.. أما الآن فإنني أؤدي رسالة، وأنا في غاية الهدوء والرضا.
أيضاً.. أشعر أنني تحررت من "الهوس" المسيطر على الفنانين من الموضة، و"النيولوك" والشهرة، والمنافسة غير الشريفة أحياناً... و"فوبيا" الشهرة والأضواء..

من أين تتلقى "عبير الشرقاوي" ثقافتها الإسلامية؟
من أكثر من مصدر.. لكن كل المصادر تأتي بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

هل تقبلين العمل بالإعلانات؟
لا مانع.. لكن في ظل الشروط السابقة، وقد عرض عليَّ مؤخراً إعلان مغرٍ وبمبلغ ضخم.. لكنني رفضت رفضاً قاطعاً، لأنه كان يروِّج لإحدى البضائع الأمريكية، وأنا ألتزم بالمقاطعة.

وماذا تقولين لمن يهاجمون الفنانات المحجبات دائماً، وبصورة مستفزة وغير صادقة على الإطلاق؟
أقول لهؤلاء: اتركونا في حالنا، حرام عليكم.. فنحن لا نهدد أمن مصر، ونحن من أخلص أبنائها.. مع العلم بأننا نمثل أكثر من 80% من نسائها وبناتها وسيداتها، ولا أعرف سر تلك الحملة الظالمة ضد الفنانات المحجبات، فهل الالتزام جريمة يعاقبوننا عليها؟ هذه بالفعل كارثة ومصيبة يرتكبها هؤلاء الذين لا يمثلون ضمير مصر، ولا أخلاقها.. ولو علم هؤلاء كم يؤذون عموم الشعب المصري في مشاعره وأخلاقه، لأمسكوا عن هذا العدوان الأثيم.

لكن بعضهم يبرر هذا الهجوم، بأنه "وجهة نظر" للنقد الفني، لهبوط مستوى الفنانات المحجبات، بعد الحجاب بالذات ؟
بالعكس، فأداؤنا الفني تطور، وتغير للأفضل، ونحن قد أضفينا على الدراما الفنية والمصرية بالذات، جواً جديداً.. وبعض كتاب السيناريو واكبوا هذا التطور وخرجوا من إطار الموضوعات الضيقة المستهلكة.. والتافهة، إلى موضوعات درامية أكثر جدية، وأعمق معالجة، لمواكبة التطور الجديد، ليس على مستوى الفنانات المحجبات فحسب، بل على مستوى حركة الشارع .. كان لابد من تقديم أعمال قوية تتناسب مع الجو السلوكي والأخلاقي والفكري، وبما يتفق مع عاداتنا وأخلاقياتنا وديننا الحنيف.

تعكير الصفو

يقول هؤلاء المهاجمون أيضاً.. إنكم تعودون بالحجاب إلى الشاشة ضمن خطة منظمة لتعكير صفو الدراما.. وتقييد حركة الفن؟
إنما يعكر صفو الفن من يقدم أعمالاً هابطة ومسفة، أو يقدم أفكاراً ضد أمن هذا المجتمع، وضد سلوكه وأهدافه وضد دوره الذي يجب أن يكون في مقدمة الشعوب العربية والإسلامية، ونحن لم نعد لنعكر صفو الدراما كما يدَّعي هؤلاء، ولم نعد ضمن مخطط، فالمواهب الفنية لا تعرف مثل هذه الأوهام.. إنما عدنا لنقدم فناً نظيفاً وراقياً وهادفاً، فناً مجتمعياً وإنسانياً وجميلاً، فكيف يمكن أن نكون "خطراً" على مصر.. بلدنا الحبيب الذي نعرف كيف نحبه، ولماذا نحبه؟

كتب أحد الصحفيين مؤخراً يقول: الجو الدرامي أصبح ملبداً بغيوم الحجاب.. ما رأيكم؟
ليكتب من شاء ما شاء.. "
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" (الكهف:29).. ولكن لا أدري .. هل هذه الكتابات غيرة على الدراما.. أم عداء للحجاب.. فهناك الدراما الإيرانية.. والحجاب فيها أشد من الحجاب عندنا.. وهي دراما متفوقة وناجحة ونظيفة.. بصرف النظر عن الخلاف المذهبي.
وما يقوله هؤلاء أوهام وخيالات مريضة.. و"فوبيا" لا وجود لها إلا في رؤوس أصحابها.. فأنا مثلاً درست الفن في الجامعة الأمريكية.. ووالدي درس الفن في فرنسا.. وهو أستاذ مرموق بأكاديمية الفنون منذ زمن بعيد.. ونحن أول من يفهم الفن ورسالته.. ولا يستطيع أحد أن يطاولنا في هذا الميدان.

وماذا يكون إذن... وراء هذه الحملة؟
وراءها بعض المتآمرين على هذا البلد، لكسر شوكته ونخوته وكرامته، لتخلو الساحة لإسرائيل.. وبعضهم يتبجح بعلاقاته ب"إسرائيل" بكل استفزاز..
ولا شك أن وراء تلك الحملة ضد الفنانات المحجبات مجموعة من الإعلاميين أصحاب الأغراض السيئة، ولو كنا أصحاب أغراض، أو كانت وراءنا أية أخطار، لما أسندت إلينا وزارة الإعلام أعمالاً ضخمة وكبيرة، بل لما استعانت بنا أو تعاملت معنا من الأساس.
وأحب أيضاً أن أؤكد للجميع أن الجمهور متعاطف معنا جداً.
ونحن أولاً وأخيراً.. لن نرضخ للضغوط.. ولن نخاف.. ولن نترك مصر، فهي بلدنا.. وحبنا وعشقنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق